قال : فلا تعجلُوا ، حتّى أرجعَ إلى أبي عَبْد الله ، فأعرضَ عليه ما ذكرتُم.
فوقفوا وقالوا : إلقَهْ وأَعْلِمْهُ ، ثُمَّ الْقِنا بِما يقولُ لك.
فانصرفَ العَبّاسُ راجعاً يركُضُ إلى الحُسين عليه السلام يُخبرُهُ الخَبَرَ ، ووقفَ أصحابُه يُخاطِبُون القومَ ويَعِظُونَهم ويَكُفّونَهُم عن قتال الحسين.
فجاء العَبّاسُ إلى الحسين عليه السلام فأخبره بما قال القوم. فقال :
«ارجعْ إليهم ، فإن استطعتَ أنْ تُؤخّرَهُم إلى الغُدْوة ، وتدفَعَهم عَنّا العشيّةَ ، لَعَلّنا نُصلّي لِربّنا الليلةَ وندعُوَه ونستغفِرَهُ ، فهوَ يعلمُ أنّي قد أُحبُّ الصلاةَ لهُ وتلاوَةَ كِتابه والدُعاءَ والاستغفارَ».
فمضى العَبّاسُ إلى القوم (١) وقال الطبري : فعاد العَبّاس يُركض فرسه حتّى انتهى إليهم فقال لهم :
يا هؤلاء ، إنّ أبا عَبْد اللله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشيّة حتّى ينظر في هذا الأمر ، فإنّ هذا أمر لم يجرِ بينكم وبينه فيه منطق (٢).
ورجع من عندهم ومعه رسولٌ من عمر بن سعد يقول :
إنّا قد أجّلناكم إلى غدٍ ، فإن استسلمتم سرّحناكم إلى أميرنا عُبَيْد الله بن زياد ، وإنْ أبيتُم فَلَسنا بِتاركيكم.
وانصرفَ.
__________________
(١) الإرشاد للشيخ المفيد (٢ / ٨٩ ـ ٩١) وفيه : فركب العبّاس في إخوته رضي الله عنهم ومعه أيضاً عشرة فوارس حتّى دنا من القوم. ومقتل الخوارزمي (١ / ٤ ـ ٣٥٤) والفتوح لابن الأعثم (٥ / ١٧٦).
(٢) تاريخ الطبري (٥ / ٤١٧).