فَنَدَبَ الإمامُ عليه السلام لهم أخاهُ العَبّاسَ ، فحملَ على القوم وَحْدَهُ ، فضربَ فيهم بسيفه حتّى فرّقهم ، وخَلَصَ إليهم ، فسلّموا عليه ، (فاستنقذَهم وقد جُرِحُوا) (١) فأتى بهم لكنّهم عاوَدُوا القتالَ وهو يدفعُ عنهم ، حتّى قُتِلُوا في مكانٍ واحدٍ.
فعادَ العَبّاسُ إلى أخيه وأخبرهُ خَبَرَهم (٢).
إنّ انتخابَ العبّاس لهذِهِ المهمّةِ وقيامَه وحدَهُ بِها ، إنّما يَنُمُّ عن الاعتماد الكامل بهمّتِه وشجاعتِه وقدرتِه عليها.
٩ ـ حمل الراية :
إنّ للراية شأناً في الحروب ، لأنّها شارة الجيش ، وقيامها دليل على استقامته واستمرار نضاله ، ولذلك فإنّما تُوضع في يَدِ مَنْ ينوءُ بحملها من أُولي الأيْدِ والقُوّة والنجدة والشهامة والإقدام والحميّة.
ولم يجد الحُسين عليه السلام في مَن حوله أولى من أخيه العَبّاس مَنْ يستحِقُّ حملَها ؛ فلمّا قام عليه السلام بتعبئة جيشه «أعطى رايتَهُ العَبّاسَ بن عليّ أخاهُ» (٣). ولذلك لُقِّبَ العَبّاسُ عليه السلام بـ «صاحب الراية» و«صاحب اللواء» (٤).
١٠ ـ بعثه لطلب الماء :
لعلّ من أهمّ الحوادث وأمضّها أَلَمَاً وفجيعةً في وقعة الطفّ المؤلمة هو
__________________
(١) هذه الجملة وردت في رواية الكامل لابن الأثير (٤ / ٧٤).
(٢) تاريخ الطبري (٥ / ٤٤٦).
(٣) تاريخ الطبري (٥ / ٤٢٢) وأنساب الأشراف (٣ / ١٨٧).
(٤) وقد مضى في بحث (ألقابه عليه السلام) ما يتعلّق بذلك.