وأمّا الجدُّ الأعلى : عَدْنانُ :
فَقَدْ قال المسعوديّ : إنّما سُمّيَ «عدنان» من العَدْنِ ، وهو الإقامة ، لأنّ الله أقام ملائكةً لحفظه ، وذلك لأنّ أعين الإنس والجنّ كانت إليه مصروفةً ، وأرادوا قتلَهُ ، وقالوا : «لئن تركنا هذا الغلام حتّى يدرك مدارك الرجال ليخرجنّ من ظهره من يسود الناس» فوكّل الله به من يحفظه (فَنَشَأ أحْسَنَ أهلِ زمانِه خَلْقاً وخُلُقاً) (١).
وهو أوّل من وضع أنصاب الحرم ، وَكَسا الكعبة (٢) وهو أصلُ العَدْنانيّة كلّهم ، ومنه تفرّقت شعوبهم وقبائلهم ، وعلى عهده اجتاح بُخْتَنُصَّرُ بلاد العرب وشتّتهم ، وعلى يد ابنِهِ مَعَدّ استعاد مجد أبيه وقومه (٣).
هؤلاء هم آباءُ أبي الفَضْلِ العَبّاس عليه السلام :
فتراهم قد توارثوا الشرفَ والمجدَ والفضيلةَ خَلَفاً عن سَلَفٍ وهم على ما نعتقده نحن الإماميّة الاثني عشريّة : كلّهم مؤمنون موحّدون ، على ملّة أبيهم إبراهيم النَبِيّ صلّى الله على نبيّنا وآله وعليه. بل كانوا من الصدّيقين ،
__________________
(١) إثبات الوصيّة (ص ٧٤) وتاريخ الخميس (١ / ١٤٦) وما بين القوسين لم يرد فيه.
(٢) تاريخ اليعقوبي (١ / ٢٧٠).
(٣) ولا خلافَ بين علماء النسب أنّ عدنانَ من ذُرّية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام لكنّهم اختلفوا في عَدَدِ الوسائط إليه. والمأْثُوْرُ عَنْهُ صلى الله عليه وآله كان إذا وَصَلَ إلى عدنان أَمْسَكَ ولم يَتَجاوَزْهُ أُنظر : الكامل لابن الأثير (٢ / ٣٣).
وقال بعضهم بَعْدَ رَفْعِهِ نَسَبَ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عدنان :
إلى هُنا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ |
|
واخْتَلَفُوْا مِنْ آدمٍ (*) إلَيهِ |
(*) صَرَفَ (آدَمَ) لِمُراعاةِ الْوَزْنِ.