أفْيَحَ ، وأخذ شريعة الفُرات ، وليس في ذلك الصقع شريعة غيرها ، وجعلها في حيّزه ، وبعث عليها أبا الأعور السُلَمي يحميها ويمنعها!
فطلب أصحاب عليٍّ شريعةً غيرها فلم يجدوا ، فأتوا عليّاً فأخبروه بفعلهم وبعطش الناس ، فدعا صعصعة بن صُوحانٍ ، فأرسله إلى معاوية يقول له :
إنّا سرنا مسيرنا هذا ونحن نكره قتالكم قبل الإعذار إليكم ، فقدمت إلينا خيلك ورجالك فقاتلتنا قبل أن نقاتلك ، ونحن من رأينا الكفّ حتّى ندعوك ونحتجّ عليك.
وهذه أُخرى قد فعلتموها : منعتم الناس عن الماء ، والناس غير منتهين ، فابعث إلى أصحابك : فليخلّوا بين الناس وبين الماء ، وليكفّوا ، لننظر في ما بيننا وبينكم ، وفي ما قدمنا له ، فإن اردت أن نترك ما جئنا له ونقتتل على الماء حتّى يكون الغالب هو الشارب ، فعلنا.
فقال معاوية لأصحابه : ما ترون؟
فقال الوليد بن عُقْبة ، وعبد الله بن سعد : امنعهم الماء ، كما منعوه ابن عفّان ، اقتلهم عطشاً قتلهم الله.
فقال عمرو بن العاص : خلّ بين القوم وبين الماء ، إنّهم لن يعطشوا وأنت ريّان ، ولكن بغير الماء فانظر في ما بينك وبين الله.
فأعاد الوليد وعبد الله بن سعد مقالتهما وقالا : امنعهم الماء إلى الليل ، فإنّهم إن لم يقدروا عليه رجعوا وكان رجوعهم هزيمة ، امنعهم الماء منعهم