واعلم أنّه يكفي في إنكاح عبده لأمته مجرّد اللفظ الدالّ على الإذن فيه كما يظهر من الرواية. ولا يشترط قبول العبد ولا المولى لفظاً. ولا يقدح تسميته فيها نكاحاً وهو متوقّف على العقد ، وإيجابُه إعطاءَ شيء وهو ينافي الإباحة؛ لأنّ قوله عليه السلام : (يجزيه) (١) ظاهر في الاكتفاء بالإيجاب والإعطاء على وجه الاستحباب ، ولأنّ رفعه بيد المولى والنكاح الحقيقي ليس كذلك ، ولأنّ العبد ليس له أهليّة الملك فلا وجه لقبوله ، والمولى بيده الإيجاب والجهتان ملكه ، فلا ثمرة لتعليقه ملكاً بملك ، نعم يعتبر رضاه بالفعل وهو يحصل بالإباحة الحاصلة بالإيجاب المدلول عليه بالرواية (٢). وقيل : يعتبر القبول من العبد (٣) إمّا لأنّه عقد ، أو لأنّ الإباحة منحصرة في العقد أو التمليك ، وكلاهما يتوقّف على القبول.
وربما قيل : يعتبر قبول المولى؛ لأنّه الوليّ كما يعتبر منه الإيجاب (٤).
(ويجوز تزويج الأمة بين الشريكين لأجنبيّ باتّفاقهما) لانحصار الحقّ فيهما واتّحاد سبب الحِلّ. ولو عقد أحدهما وحلّلها الآخر لم يصحّ؛ لتبعّض البُضع مع احتمال الجواز لو جعلنا التحليل عقداً.
ثمّ إن اتّحد العقد منهما فلا إشكال في الصحّة ، وإن أوقع كلّ منهما عقداً على المجموع صحّ أيضاً ، وإن أوقعه على ملكه لم يصحّ (ولا يجوز تزويجها لأحدهما) لاستلزامه تبعّض البُضع من حيث استباحته بالملك والعقد والبُضع لا يتبعّض؛ ولأنّ الحِلّ منحصر في الأزواج وملكِ الأيمان ، والمستباح بهما خارج عن القسمة؛ لأنّ التفصيل يقطع الاشتراك.
__________________
(١) و (٢) اُنظر صحيحة محمّد بن مسلم المذكورة في الصفحة السابقة.
(٣) لم نعثر على قائله.
(٤) نسبه إلى المشهور في غاية المرام ٣ : ١٠١.