٤٨ ـ سورة الفتح
نزلت فى الحديبية وآياتها تسع وعشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (١)
____________________________________
هؤلاء الموصوفون وقوله تعالى (تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) استئناف مقرر لذلك أو صلة لهؤلاء* على أنه بمعنى الذين أى ها أنتم الذين تدعون ففيه توبيخ عظيم وتحقير من شأنهم والإنفاق فى سبيل الله يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) أى ناس يبخلون وهو فى حيز الدليل على الشرطية* السابقة (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) فإن كلا من نفع الإنفاق وضرر البخل عائد إليه والبخل* يستعمل بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدى (وَاللهُ الْغَنِيُّ) دون من عداه (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) فما* يأمركم به فهو لاحتياجكم إلى ما فيه من المنافع فإن امتثلتم فلكم وإن توليتم فعليكم وقوله تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) عطف على (إِنْ تُؤْمِنُوا) أى وإن تعرضوا عن الإيمان والتقوى (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) يخلف* مكانكم قوما آخرين (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) فى التولى عن الإيمان والتقوى بل يكونوا راغبين فيهما* قيل هم الأنصار وقيل الملائكة وقيل أهل فارس لما روى أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه فقال هذا وقومه والذى نفسى بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس وقيل كندة والنخع وقيل العجم وقيل الروم. عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة محمد كان حقا على الله عزوجل أن يسقيه من أنهار الجنة.
(سورة الفتح مدنية نزلت فى مرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الحديبية وآياتها تسع وعشرون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة أو صلحا بحراب أو بدونه فإنه ما لم يظفر به منغلق مأخوذ من فتح باب الدار وإسناده إلى نون العظمة لاستناد أفعال العباد إليه تعالى خلقا وإيجادا والمراد به فتح مكة شرفها الله وهو المروى عن أنس رضى الله عنه بشر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضى على سنن سائر الأخبار الربانية للإيذان بتحققه لا محالة تأكيدا للتبشير كما أن تصدير الكلام بحرف التحقيق لذلك وفيه من الفخامة المنبئة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وقيل هو ما أتيح له عليه الصلاة والسلام فى تلك السنة من فتح خيبر وهو المروى عن مجاهد وقيل هو صلح الحديبية فإنه وإن لم يكن فيه حراب شديد بل ترام بين الفريقين بسهام وحجارة لكن لما كان الظهور للمسلمين حيث سألهم المشركون الصلح كان فتحا بلا ريب وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم وعن الكلى ظهروا عليهم حتى سألوا الصلح وقد روى أنه عليه الصلاة والسلام حين