(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ) (٢٠)
____________________________________
* كافة وقد مر بيان كيفية الإيمان بهم فى خاتمة سورة البقرة (أُولئِكَ) إشارة إلى الموصول الذى هو مبتدأ* وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه قد مر سره مرارا وهو مبتدأ ثان وقوله تعالى (هُمُ) * مبتدأ ثالث خبره (الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ) وهو مع خبره خبر للنانى وهو مع خبره خبر للأول أو هم* ضمير الفصل وما بعده خبر لأولئك والجملة خبر للموصول أى أولئك (عِنْدَ رَبِّهِمْ) بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو الرتبة ورفعة المحل وهم الذين سبقوا إلى التصديق واستشهدوا فى سبيل الله تعالى أو هم المبالغون فى الصدق حيث آمنوا وصدقوا جميع أخباره تعالى ورسله والقائمون بالشهادة* لله تعالى بالوحدانية ولهم بالإيمان أو على الأمم يوم القيامة وقوله تعالى (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) بيان لثمرات ما وصفوا به من نعوت الكمال على أنه جملة من مبتدأ وخبر محلها الرفع على أنه خبر ثان للموصول أو الخبر هو الجار وما بعده مرتفع به على الفاعلية والضمير الأول على الوجه الأول للموصول والأخيران للصديقين والشهداء أى مثل أجرهم ونورهم المعروفين بغاية الكمال وعزة المنال وقد حذف أداة التشبيه تنبيها على قوة المماثلة وبلوغها حد الاتحاد كما فعل ذلك حيث قيل هم الصديقون والشهداء وليست المماثلة بين ما للفريق الأول من الأجر والنور وبين تمام ما للأول من الأصل والأضعاف وبين ما للأخيرين من الأصل بدون الأضعاف وأما على الوجه الثانى فمرجع الكل واحد والمعنى لهم الأجر والنور* الموعودان لهم أجرهم الخ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ) الموصوفون بتلك الصفة القبيحة (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) بحيث لا يفارقونها أبدا (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) بعد ما بين حال الفريقين فى الآخرة شرح حال الحياة الدنيا التى اطمأن بها الفريق الثانى وأشير إلى أنها من محقرات الأمور التى لا يركن إليها العقلاء فضلا عن الاطمئنان بها وأنها* مع ذلك سريعة الزوال وشيكة الاضمحلال حيث قيل (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ) أى الحراث* (نَباتُهُ) أى النبات الحاصل به (ثُمَّ يَهِيجُ) أى يجف بعد خضرته ونضارته (فَتَراهُ مُصْفَرًّا) بعد ما رأيته ناضرا مونقا وقرىء مصفارا وإنما لم يقل فيصفر إيذانا بأن اصفراره مقارن لجفافه وإنما المترتب* عليه رؤيته كذلك (ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) هشيما متكسرا ومحل الكاف قيل النصب على الحالية من الضمير فى لعب لأنه فى معنى الوصف وقيل الرفع على أنه خبر بعد خبر للحياة الدنيا بتقدير المضاف أى مثل الحياة الدنيا كمثل الخ وبعد ما بين حقارة أمر الدنيا تزهيدا فيها وتنفيرا عن العكوف عليها أشير إلى فخامة شأن الآخرة وعظم ما فيها من اللذات والآلام ترغيبا فى تحصيل نعيمها المقيم وتحذيرا