(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٣)
____________________________________
* هى حال وهو بعيد وقوله عزوجل (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) تعليل لما قبله بطريق التحقيق أى مبالغ فى العلم بالمسموعات والمبصرات ومن قضيته أن يسمع تحاورهما ويرى ما يقارنه من الهيئات التى من جملتها رفع رأسها إلى السماء وسائر آثار التضرع وإظهار الاسم الجليل فى الموقعين لتربية المهابة وتعليل الحكم بوصف الألوهية وتأكيد استقلال الجمتلين وقوله تعالى (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) شروع فى بيان شأن الظهار فى نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا بطريق الاستئناف والظهار أن يقول الرجل لامرأته أنت على كظهر أمى مشتق من الظهر وقد مر تفصيله فى الأحزاب وألحق به الفقهاء تشبيهها بجزء محرم وفى منكم مزيد توبيخ للعرب وتهجين لعادتهم فيه فإن كان من أيمان أهل جاهليتهم* خاصة دون سائر الأمم وقرىء يظاهرون ويظهرون وقوله تعالى (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) خبر للموصول أى* ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت وقرىء أمهاتهم بالرفع على لغة تميم وبأمهاتهم (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ) * أى ما هن (إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) فلا تشبه بهن فى الحرمة إلا من ألحقها الشرع بهن من المرضعات وأزواج* النبى عليه الصلاة والسلام فدخلن بذلك فى حكم الأمهات وأما الزوجات فأبعد شىء من الأمومة (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ) بقولهم ذلك (مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) على أن مناط التأكيد ليس صدور القول عنهم فإنه أمر محقق بل كونه منكرا أى عند الشرع وعند العقل والطبع أيضا كما يشعر به تنكيره ونظيره قوله* تعالى (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (وَزُوراً) أى محرفا عن الحق (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) أى مبالغ فى العفو والمغفرة فيغفر لما سلف منه على الإطلاق أو بالمتاب عنه وقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) تفصيل لحكم الظهار بعد بيان كونه أمرا منكرا بطريق التشريع الكلى المنتظم لحكم الحادثة انتظاما أوليا أى والذين يقولون ذلك القول المنكر ثم يعودون لما قالوا أى إلى ما قالوا بالتدارك والتلافى لا بالتقرير والتكرير كما فى قوله تعالى (أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) فإن اللام وإلى تتعاقبان كثيرا كما فى قوله تعالى (هَدانا لِهذا) وقوله تعالى (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) وقوله تعالى (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ) (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أى فتداركه أو فعليه أو فالواجب إعتاق رقبة أى رقبة كانت وعند الشافعى رحمهالله تعالى يشترط الإيمان والفاء للسببية ومن فوائدها الدلالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار وقيل ما قالوا عبارة عما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلا للقول منزلة المقول فيه كما ذكر فى قوله تعالى (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) أى المقول فيه من المال والولد فالمعنى ثم يريدون العود للاستمتاع فتحرير