٦٥ ـ سورة الطلاق
(مدنية وهى إثنتا عشرة آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (١)
____________________________________
(سورة الطلاق مدنية وآياتها إثنتا عشرة آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) تخصيص النداء به عليه الصلاة والسلام مع عموم الخطاب لأمته أيضا لتشريفه عليه الصلاة والسلام وإظهار جلالة منصبه وتحقيق أنه المخاطب حقيقة ودخولهم فى الخطاب بطريق استتباعه عليه الصلاة والسلام إياهم وتغليبه عليهم لا لأن نداءه كندائهم فإن ذلك الاعتبار لو كان فى حيز الرعاية لكان الخطاب هو الأحق به لشمول حكمه للكل* قطعا والمعنى إذا أردتم تطليقهن وعزمتم عليه كما فى قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أى مستقبلات لها كقولك أتيته لليلة خلت من شهر كذا فإن المرأة إذا طلقت فى طهر يعقبه القرء الأول من إقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها والمراد أن يطلقن فى طهر لم يقع فيه جماع ثم يخلين حتى* تنقضى عدتها وهذا أحسن الطلاق وأدخله فى السنة (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) واضبطوها وأكملوها ثلاثة* إقراء كوامل (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) فى تطويل العدة عليهن والإضرار بهن وفى وصفه تعالى بربوبيته* لهم تأكيد للأمر ومبالغة فى إيجاب الاتقاء (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) من مساكنهن عند الفراق إلى أن تنقضى عدتهن وإضافتها إليهن وهى لأزواجهن لتأكيد النهى ببيان كمال استحقاقهن لسكناها كأنها* أملاكهن (وَلا يَخْرُجْنَ) ولو بإذن منكم فإن الإذن بالخروج فى حكم الإخراج وقيل المعنى لا يخرجن* باستبداد منهن أما إذا اتفقا على الخروج جاز إذ الحق لا يعدوهما (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) استثناء من الأول قيل هى الزنا فيخرجن لإقامة الحد عليهن وقيل إلا أن يبذون على الأزواج فيحل حينئذ إخراجهن ويؤيده قراءة إلا أن يفحشن عليكم أو من الثانى للمبالغة فى النهى عن الخروج ببيان أن* خروجها فاحشة (تِلْكَ) إشارة إلى ما ذكر من الأحكام وما فى اسم الإشارة من معنى البعد مع قرب* العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو درجتها وبعد منزلتها (حُدُودُ اللهِ) التى عينها لعباده (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) أى حدوده المذكورة بأن أخل بشىء منها على أن الإظهار فى حيز الإضمار لتهويل أمر التعدى* والإشعار بعلة الحكم فى قوله تعالى (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أى أضربها وتفسير الظلم بتعريضها للعقاب يأباه