(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥)
____________________________________
ما كان فهو لرد قولهم هذا إفك قديم وإبطاله فإن كونه مصدقا لكتاب موسى مقرر لحقيته قطعا* (إِماماً وَرَحْمَةً) حالان من كتاب موسى أى إماما يقتدى به فى دين الله تعالى وشرائعه كما يقتدى* بالإمام ورحمة من الله تعالى لمن آمن به وعمل بموجبه (وَهذا) الذى يقولون فى حقه ما يقولون (كِتابُ) * عظيم الشأن (مُصَدِّقٌ) أى لكتاب موسى الذى هو إمام ورحمة أو لما من بين يديه من جميع الكتب* الإلهية وقد قرىء كذلك (لِساناً عَرَبِيًّا) حال من ضمير الكتاب فى مصدق أو من نفسه لتخصصه* بالصفة وعاملها معنى الإشارة وعلى الأول مصدق وقيل مفعول لمصدق أى يصدق ذا لسان عربى (لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) متعلق بمصدق وفيه ضمير الكتاب أو الله أو الرسول عليه الصلاة والسلام ويؤيد الأخير* القراءة بتاء الخطاب (وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) فى حيز النصب عطفا على محل لينذر وقيل فى محل الرفع على أنه خبر مبتدأ مضمر أى وبشرى وقيل على أنه عطف على مصدق (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) أى جمعوا بين التوحيد الذى هو خلاصة العلم والاستقامة فى أمور الدين التى هى منتهى* العمل وثم للدلالة على تراخى رتبة العمل وتوقف الاعتداد به على التوحيد (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من* لحوق مكروه (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) من فوات محبوب والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط والمراد بيان دوام نفى الحزن لا بيان نفى دوام الحزن كما يوهمه كون الخبر مضارعا وقد مر بيانه مرارا (أُولئِكَ) * الموصوفون بما ذكر من الوصفين الجليلين (أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) حال من المستكن فى أصحاب* وقوله تعالى (جَزاءً) منصوب إما بعامل مقدر أى يجزون جزاء أو بمعنى ما تقدم فإن قوله تعالى (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) فى معنى جازيناهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الحسنات العلمية والعملية (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) * بأن يحسن (بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) وقرىء حسنا أى بأن يفعل بهما حسنا أى فعلا ذا حسن أو كأنه فى ذاته نفس الحسن لفرط حسنه وقرىء بضم السين أيضا وبفتحهما أى بأن يفعل بهما فعلا حسنا* أو وصيناه إيصاء حسنا (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) أى ذات كره أو حملا ذا كره وهو المشقة* وقرىء بالفتح وهما لغتان كالفقر والفقر وقيل المضموم اسم والمفتوح مصدر (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ) أى مدة حمله وفصاله وهو الفطام وقرىء وفصله والفصل والفصال كالفطم والفطام بناء ومعنى والمراد