(أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦) وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٧)
____________________________________
به الرضاع التام المنتهى به كما أراد بالأمد المدة من قال[كل حى مستكمل مدة العمر * ومود إذا انتهى أمده] (ثَلاثُونَ شَهْراً) تمضى عليها بمعاناة المشاق ومقاساة الشدائد لأجله وهذا دليل على أن أقل مدة* الحمل ستة أشهر لما أنه إذا حط عنه للفصال حولان لقوله تعالى (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) يبقى للحمل ذلك قيل ولعل تعيين أقل مدة الحمل وأكثر مدة الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط النسب والرضاع بهما (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أى اكتهل واستحكم قوته وعقله (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) قيل لم يبعث* نبى قبل أربعين وقرىء حتى إذا استوى وبلغ أشده (قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) أى ألهمنى وأصله أو لعنى* من أوزعته بكذا (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ) أى نعمة الدين أو ما يعمها وغيرها* (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) التنكير للتفخيم والتكثير (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) أى واجعل الصلاح* ساريا فى ذريتى راسخا فيهم كما فى قوله [يجرح فى عراقيبها نصلى] قال ابن عباس أجاب الله تعالى دعاء أبى بكر رضى الله عنهم فأعتق تسعة من المؤمنين منهم بلال وعامر بن فهيرة ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله تعالى عليه ودعا أيضا فقال وأصلح لى فى ذريتى فأجابه الله عزوجل فلم يكن له ولد إلا آمنوا جميعا فاجتمع له إسلام أبويه وأولاده جميعا فأدرك أبوه أبو قحافة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابنه عبد الرحمن بن أبى بكر وابن عبد الرحمن أبو عتيق كلهم أدركوا النبى عليه الصلاة والسلام ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ) عما لا ترضاه أو عما يشغلنى عن* ذكرك (وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الذين أخلصوا لك أنفسهم (أُولئِكَ) إشارة إلى الإنسان والجمع لأن المراد به الجنس المتصف بالوصف المحكى عنه وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو رتبته وبعد منزلته أى أولئك المنعوتون بما ذكر من النعوت الجليلة (الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) من الطاعات* فإن المباح حسن ولا يثاب عليه (وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) وقرىء الفعلان بالياء على إسنادهما إلى* الله تعالى وعلى بنائهما للمفعول ورفع أحسن على أنه قائم مقام الفاعل وكذا الجار والمجرور (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) أى كائنين فى عدادهم منتظمين فى سلكهم (وَعْدَ الصِّدْقِ) مصدر مؤكد لما أن قوله تعالى* (نَتَقَبَّلُ) و (نَتَجاوَزُ) وعد من الله تعالى لهم بالتقبل والتجاوز (الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) على ألسنة الرسل* (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) عند دعوتهما له إلى الإيمان (أُفٍّ لَكُما) هو صوت يصدر عن المرء عند تضجره واللام لبيان المؤفف له كما فى هيت لك وقرىء أف بالفتح والكسر بغير تنوين وبالحركات الثلاث مع التنوين والموصول عبارة عن الجنس القائل ذلك القول ولذلك أخبر عنه بالمجموع كما سبق قيل هو