(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٨) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (٢٠)
____________________________________
فى الكافر العاق لوالديه المكذب بالبعث وعن قتادة هو نعت عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه وما روى من أنها نزلت فى عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهما قبل إسلامه يرده ما سيأتى من قوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) الآية فإنه كان من أفاصل المسلمين وسرواتهم وقد كذبت الصديقة رضى الله* عنها من قال ذلك (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) أبعث من القبر بعد الموت وقرىء أخرج من الخروج (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) ولم يبعث منهم أحد (وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) يسألانه أن يغيثه ويوفقه للإيمان* (وَيْلَكَ) أى قائلين له ويلك وهو فى الأصل دعاء عليه بالثبور أريد به الحث والتحريض على الإيمان* لا حقيقة الهلاك (آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) أى البعث أضافا إليه تعالى تحقيقا للحق وتنبيها على خطئه* فى إسناد الوعد إليهما وقرىء أن وعد الله أى آمن بأن وعد الله حق (فَيَقُولُ) مكذبا لهما (ما هذا) * الذى تسميانه وعد الله (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أباطيلهم التى سطروها فى الكتب من غير أن يكون لها حقيقة (أُولئِكَ) القائلون هذه المقالات (الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) وهو قوله تعالى لإبليس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) كما ينبىء عنه قوله تعالى (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) * وقد مر تفسيره فى سورة الم السجدة (إِنَّهُمْ) جميعا (كانُوا خاسِرِينَ) قد ضيعوا فطرتهم الأصلية الجارية مجرى رؤس أموالهم باتباعهم الشيطان والجملة تعليل للحكم بطريق الاستئناف التحقيقى (وَلِكُلٍّ) من* الفريقين المذكورين (دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) مراتب من أجزية ما عملوا من الخير والشر والدرجات غالبة* فى مراتب المثوبة وإيرادها بطريق التغليب (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ) أى أجزية أعمالهم وقرىء بنون العظمة* (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بنقص ثواب الأولين وزيادة عقاب الآخرين والجملة إما حال مؤكدة للتوفية أو استئناف مقرر لها واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم فعل ما فعل من تقدير الأجزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب والعقاب دركات (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) أى يعذبون بها من قولهم عرض الأسارى على السيف أى قتلوا وقيل يعرض النار* عليهم بطريق القلب مبالغة (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) أى يقال لهم ذلك وهو الناصب للظرف وقرىء أأذهبتم بهمزتين وبألف بينهما على الاستفهام التوبيخى أى أصبتم أو أخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا* ولذائذها (فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) فلم يبق لكم بعد ذلك شىء منها (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ