(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ) (٢٠)
____________________________________
الساعة والمعنى أنهم لا يتذكرون بذكر أهوال الأمم الخالية ولا بالإخبار بإتيان الساعة وما فيها من عظائم الأهوال وما ينتظرون للتذكر إلا إتيان نفس الساعة بغتة وقرىء بغتة بفتح الغين وقوله تعالى (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) تعليل لمفاجأتها لا لإتيانها مطلقا على معنى أنه لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر* أمر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذ قد جاء أشراطها فلم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من مبادى إتيانها فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والأشراط جمع شرط بالتحريك وهى العلامة والمراد بها مبعثه صلىاللهعليهوسلم وانشقاق القمر ونحوهما وقوله تعالى (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) * حكم بخطئهم وفساد رأيهم فى تأخير التذكر إلى إتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) أى وكيف لهم ذكراهم إذا جاءتهم على أن أنى خبر مقدم وذكراهم مبتدأ وإذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزا إلى غاية سرعة مجيئها وإطلاق المجىء عن قيد البغتة لما أن مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقا لا مقيدا بقيد البغتة وقرىء إن تأتهم على أنه شرط مستأنف جزاؤه فأنى لهم الخ والمعنى إن تأتهم الساعة بغتة لأنه قد ظهر أماراتها فكيف لهم تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) أى إذا علمت أن مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو الإشراك والعصيان فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وهو الذى ربما يصدر* عنه عليه الصلاة والسلام من ترك الأولى عبر عنه بالذنب نظرا إلى منصبه الجليل كيف لا وحسنات الأبرار سيئات المقربين وإرشاد له عليه الصلاة والسلام إلى التواضع وهضم النفس واستقصار العمل (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أى لذنوبهم بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم وفى إعادة صلة الاستغفار* تنبيه على اختلاف متعلقيه جنسا وفى حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه إشعار بعراقتهم فى الذنب وفرط افتقارهم إلى الاستغفار (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) فى الدنيا فإنها مراحل لا بد من قطعها* لا محالة (وَمَثْواكُمْ) فى العقبى فإنها مواطن إقامتكم فلا يأمركم إلا بما هو خير لكم فيهما فبادروا إلى الامتثال* بما أمركم به فإنه المهم لكم فى المقامين وقيل يعلم جميع أحوالكم فلا يخفى عليه شىء منها (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) حرصا منهم على الجهاد (لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) أى هلا نزلت سورة نؤمر فيها بالجهاد (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) بطريق الأمر به أى سورة مبينة لا تشابه ولا احتمال فيها لوجه آخر سوى وجوب القتال. عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهى محكمة لم تنسخ وقرىء فإذا نزلت