المتقون هم المنفتحون على الحق
أما « المتّقون » ، فهم أولئك الذين انفتحت عقولهم على فكر الحقّ من خلال التأمل والمعاناة الوجدانية ، حتى عاش في وجدانهم قناعة واطمئنانا ، واندمجت أرواحهم في لقاء الله ، حتى شعروا بحضوره معهم في يقظتهم ومنامهم ، فلا يواجهون شيئا في الحياة إلا ويواجهون الله معه ، باعتبار أن الأشياء تفقد استقلالها وذاتيتها في داخلهم ، لأنها المظهر الحي لوجود الله وقدرته وحكمته ورحمته. وهم الذين تحركت حياتهم في الصراط المستقيم حتى لتحسّ بخطواتهم تتنقل في ثبات واتزان ، كأنها تعيش وعي الطريق في كل أبعاده واتجاهاته ، فلا تغيب عنها أية انعطافة من منعطفات الطريق التي تدعو للانحراف ، بل هي الاستقامة الباحثة أبدا عن النور في طريق الله.
* * *
هل القرآن هدى للمتقين فقط؟
وهنا يواجهنا سؤال مثير ، كيف يكون القرآن هدى للمتقين ولا يكون هدى لكل الناس؟ وهل يحتاج المتقون الذين يعيشون الهدى في كيانهم إلى هداية ليكون القرآن هاديا لهم؟
والجواب : هو أن المتّقين هم الذين يشعرون بمسؤوليتهم الفكرية والاجتماعية تجاه العقيدة والحياة ، فهم الذين يعيشون تقوى الفكر التي توحي بالتأمّل والتفكير العميق ، فيطلبون الهداية من موقع المواجهة الحادة للمشاكل الصعبة التي تعترضهم في قضايا الصراع ، فيقفون أمامها موقف الجادّ الذي لا يعيش حالة اللامبالاة والاسترخاء الفكري ، بل يحاول أن يدخل عملية الصدام