(يُوقِنُونَ) : اليقين : هو سكون الفهم مع ثبات الحكم ، وسمّي العلم يقينا لحصول القطع عليه وسكون النفس إليه ، فكل يقين علم وليس كل علم يقينا ، وكأن اليقين علم يحصل بعد الاستدلال والنظر لغموض المعلوم المنظور إليه ، أو لإشكال ذلك على الناظر ، ولهذا لا يقال في صفات الله موقن لأن الأشياء كلها في الجلاء عنده على السواء.
(الْمُفْلِحُونَ) : الفلاح : هو النجاح ، وهو الظفر بالحاجة وإدراك البغية ، وأصله من الفلح ، وهو القطع ، ومنه : قيل للفلّاح : الحرّاث لأنه يشق الأرض ، وفي المثل : الحديد بالحديد يفلح ، أي : يشق. فالمفلح على هذا كأنه قطع له بالخير.
* * *
المعرفة بين اتجاهات العقل والحسن
إننا نواجه في هذه الآيات تحديدا لصفات المتقين في إيمانهم وسلوكهم ضمن إطار يحدّد أصول العقيدة ، ويشتمل على الجوانب الأساسية من حركة العقيدة في الحياة. وهنا ، نحاول استحياء هذه الصفات من حيث طبيعتها ومدلولها ودورها في حياتنا الروحية والعملية.
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) الإيمان بالغيب صفة أساسية من صفات المتقين. وللكلمة مجالات متنوّعة تتحرك فيها ، فما هو المراد من الإيمان بالغيب؟
الإيمان بالغيب هو الإيمان بالأشياء التي لا يصل إليها الحس بشكل مباشر ، ومنها الإيمان بالله ، فالإنسان يؤمن بالله من خلال آثاره ، ومن خلال مخلوقاته في ما تدل عليه من عظمة الخلق ، على الرغم من أنه لا يمسّ ولا