إننا لا ننكر وجود جانب روحي يرعى الإنسان ويتدخل في حياته ، ولكن المبدأ الأساس في الحياة من وجهة نظر إسلامية ، هو أن الحياة تخضع في جميع أسرارها ومظاهرها ، سواء كانت سياسية ، أو اجتماعية ، أو اقتصادية ، لقوانين طبيعية أودعها الله في الكون ، وهذا ما نجده في القرآن في أكثر من آية ، في حديث الله عن سننه في الكون : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) [الأحزاب : ٣٨] ، (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) [فاطر: ٤٣].
ولذلك ، فإن إيماننا بالغيب ، لا يمنعنا من الوقوف أمام كل ظاهرة كونية أو حياتية لنفهم أسبابها وأسرارها ، بل الملحوظ أن القرآن يدعونا في كل آيات التفكر والتدبر ، للنظر في الكون ، وفي التاريخ ، لنعرف أسبابها وأسرارها ، ولنكتشف من خلالها عظمة الله تعالى. وبذلك يحتضن الفكر الإسلامي كل علوم الحياة والإنسان ، التي تحاول البحث عن القواعد العلمية التي تحكم الكون والسلوك والتفكير في ضمن كيان متكامل متوازن ، ويتجه إلى الواقع ليفسره تفسيرا ينسجم مع الدور الكبير الذي أعد الله له الإنسان في الحياة.
* * *
تجليات العقيدة في الممارسة الإنسانية
(وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) لقد تحدث القرآن عن الإيمان بالغيب الذي يتمثل ب « الإيمان بالله » ، ثم ربطه بالجانب العملي ليفهم منه أن الإيمان الذي يراد في الإسلام ليس هو الإيمان النظري الذي يعيش في فكر الإنسان من خلال المعادلات العقلية المجردة ، بل هو الذي يعيش في النفس لينطلق في مجال الحياة العملية ، ولهذا كانت الشخصية الإسلامية الإيمانية مرتكزة على الجانب