كتاب يؤمن به المسلمون من خلال إسلامهم ، أطلق القرآن الكريم الدعوة إلى الحوار معهم وذلك في قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ٦٤] باعتبار أن المفاهيم الروحية والأخلاقية ـ بالإضافة إلى المسألة التوحيدية في خطها العام ـ تمثل قاعدة التوافق التي يمكن أن ينطلق معها اللقاء ، ويتحرك فيها الحوار ، ويرتكز عليها التعايش الذي طرحه الإسلام في علاقة المسلمين بأهل الكتاب.
* * *
دور الاعتقاد بالآخرة
(وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) الإيقان : هو الاعتقاد. والإيمان بالآخرة هو الصفة الخامسة من صفات المتقين. وهو من أقوى الأسس العقيدية لبناء الشخصية الإسلامية التقيّة ، وسنعرف ـ في ما نستقبل من آيات ـ أن قيمة الإيمان بالله واليوم الآخر ، هي في تعاظم الشعور بالمسؤولية لدى الإنسان ، لأنها تجعل للحياة هدفا ، وتمدّ الحياة إلى مجال أبعد من الحياة الحسية التي نمارسها. وبهذا يستطيع الإنسان الارتباط بالمثل العليا ارتباطا أعمق على أساس إيمانه بالله واليوم الآخر ، فإذا اجتمعت هذه الصفات في نفس الإنسان وفي عمله ، أمكن له أن يطمئن إلى أنه يسير على هدى من ربه في ما يفكر ويعمل ، وأنه يتحرك في اتجاه الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) هؤلاء ، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله ، يسيرون على طريق الهدى ، لأن الإيمان بالله يفتح آفاق الحياة أمام الإنسان ، والإيمان بالرسالات يخطط له حياته ، أما