وذلك هو شأن الضال الباحث عن أطماعه وشهواته عند ما تتحكم به الفكرة المنحرفة ، وتتعمق في داخله ، فتصرفه عن الالتفات إلى حقائق الأمور ، وطبيعة المواقف ، فينطلق بأصحابه إلى المواقع التي يظنون أنهم ينجحون فيها ، من دون شعور بالنتائج السيئة التي تترتب على السير في هذا السبيل ، وذلك كهؤلاء المنافقين الذين لا يشعرون بأنهم مكشوفون للمؤمنين ، فيخيل لهم أن مواقفهم تعيش خلف الضباب ، ولكن شمس الإيمان تشرق على أوضاعهم الداخلية والخارجية فتكشفهم من حيث لا يشعرون.
* * *
ظاهرة النفاق : عللها وأسبابها
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) في هذه الفقرة محاولة لتفسير ظاهرة النفاق وتعليل أسبابها ، بكونها عقدة تتحكم في داخل الإنسان ومرضا نفسيا أو روحيا يعاني منه ؛ ذلك أنّ الإنسان إمّا أن يؤمن بالشيء وإمّا أن لا يؤمن به. وعلى كلتا الحالتين ، فإن الوضع الطبيعي الصحي ، هو أن يسير على ما يوحي به موقفه ، فإذا كان مؤمنا ، انطلقت سيرته ، في خط إيمانه ، وتحركت حياته في هذا الاتجاه .. أما إذا كان كافرا ، فإن الكفر يفرض عليه أن يحدد لحياته الخطوط التي لا تلتقي بالإيمان من قريب أو من بعيد ، سواء في ذلك ، مشاعره الداخلية أو خطواته العملية ، لكن أن يرفض الإنسان الإيمان ويعمل عمل المؤمن ، فهذا موقف غير طبيعي في حياته ، لأن الموقف الطبيعي ، هو أن ينبع عمله من إيمانه وتفكيره.
وقد لا نحتاج إلى الكثير من الجهد لنعرف أن أيّة حالة غير طبيعية تعتبر ظاهرة مرضية في حياة الإنسان ، سواء أكانت موجودة في جسده ، أم في