روحه ، أم في تفكيره. ولهذا اعتبر الله النفاق مرضا ينطلق من عقدة نفسية ، تحمل في داخلها طبيعة الشخصية المزدوجة التي تتمثل في الداخل بصورة وحركة تختلفان عن الصورة والحركة الموجودتين في الخارج.
وقد لا تكون هذه العقدة ، أو هذا المرض ، من الأشياء الأصلية في ذات الإنسان ، بل قد ينشأ ذلك من حالة الخوف من مواجهة المجتمع بما يخالف تفكيره وأوضاعه .. وقد تنشأ من حالة الطمع الذي يمنع الإنسان من الوقوف في المواقع الحاسمة التي لا تنسجم مع مصادر الطمع وموارده. وقد تنشأ من حالة نفسية قلقة يعيش الإنسان معها طبيعة الحيرة والتردد في كل موقف من مواقف الحياة ، وقد يتبين لنا ممّا يأتي من الآيات القرآنية ، ما يوحي بطبيعة « العقدة النفاقية » في ما يعيشه المنافقون في واقع الإسلام منذ بدايات عهد الدعوة الإسلامية حتى اليوم.
* * *
النفاق في سياق قانون السببية
(فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) قد يتساءل المرء عن هذه الزيادة التي ينسبها الله إلى نفسه ، فهل أراد الله لهذا المرض أن يزيد بشكل مباشر؟ وكيف تتعلق إرادة الله بتعاظم النفاق في داخل هؤلاء المنافقين ، في الوقت الذي يلعن فيه الله النفاق والمنافقين؟
وقد يكون الجواب في هذا المجال ، أن هذا التعبير ينسجم مع التعابير القرآنية الكثيرة التي ينسب فيها الفعل إلى الله ، باعتبار أن القوانين الطبيعية التي تقتضيها طبيعة الأشياء ، في ما أودعه فيها من علاقة السببية ، تستتبع هذا الفعل ، وتقتضيه ، مما يبرز نسبته إلى الله باعتباره مسبّب الأسباب ، ومكوّن