الإنسان الذي لا يعيش الإحساس بالألم عند ما تتجمد مواطن الحس في جسده.
أمّا قضية السفه ، فهي من القضايا المرتبطة بوعينا الفكري بطبيعة المصلحة والمفسدة في ما نواجه من قضايا أو نمارس من معاملات أو علاقات. فلا بد لاكتشافها من المعرفة للآفاق العملية التي تتحرك فيها حياة الناس في موازينها المستقيمة. أمّا الذين يجهلون طبيعة التوازن في ذلك ، فإنهم يجهلون ـ بطبيعة الحال ـ موقعهم من ذلك كله.
* * *
المنافقون والتظاهر بالتدين
(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) إنهم يظهرون الإيمان ويعملون عمل المؤمنين في صلاتهم وصومهم وغير ذلك ، ليحصلوا على الثقة الاجتماعية التي ينفذون من خلالها إلى أهدافهم ، ثم يذهبون إلى جماعاتهم الشيطانية ، في الخلوات التي يعقدونها ، ليؤكدوا لهم مواقفهم الأساسية الثابتة ، وليبعدوا عن أنفسهم الشكوك التي قد تحدث من جراء سلوكهم مع المؤمنين ، وليبرروا سلوكهم ذلك بأنه كان استهزاء بالمؤمنين ، واستغلالا لبساطتهم وسذاجتهم ، التي تجعلهم يتقبلون ظواهر الأمور من دون أن ينفذوا إلى بواطنها ، مما يسهّل نجاح كل الحيل التي يدبرها لهم أعداؤهم.
وربما يقال : إن خطابهم للذين آمنوا بالجملة الفعلية (آمَنَّا) لإعلان المبدأ في دائرة الحدوث ، بينما كان خطابهم لشياطينهم ، بالجملة الاسميّة (إِنَّا مَعَكُمْ) لإفادتها الثبات والاستمرار ، لتأكد البقاء في الخط الفكري والعملي المتمثل في دينهم في داخل مجتمعهم الكافر.