(أُولئِكَ) المنافقون (الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) ، وذلك من خلال اختيارهم الضلال ، الذي أصرّوا عليه وساروا فيه ، على الهدى الذي قدمه لهم الرسول ، ووعاه العقل من خلال الحق الكامن فيه والخير المنفتح عليه.
إنهم « اشتروا الضلالة » في سلوكهم وخططهم النافية ، فتاهوا في منعطفات الطرق ، ومتاهات الرمال المتحركة التي تضيع عندها الخطوط وتتلاشى فيها العلامات ، وتركوا الهدى الذي يحدد للإنسان بداية الطريق التي تشير إلى نهايته في خط مستقيم ثابت لا التواء فيه ولا انحراف.
(فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) مما يوحي به هذا النوع من المواقف القائم على أسلوب التبادل التجاري وما يستهدف من تحقيق الربح المادي ، في الوقت الذي تنطلق فيه النتائج الحاسمة على خلاف ذلك خسرانا وسقوطا وضياعا ، (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) في اختيارهم العملي ، لأنهم واجهوا متاهات الأوضاع القلقة على مستوى المصير.
* * *
مفهوم الشّراء كمقوّم لكلّ عمل إنساني
ونلاحظ ـ في هذا المجال ـ أن القرآن الكريم يركز في هذه الآية وفي غيرها من الآيات ، على كلمة « الشراء » في كل عمل يقوم به الإنسان في حياته ، على أساس النتائج السيئة والحسنة التي تنتج عنه ، مما يجعل من مجموعة الأعمال الإنسانية في الحياة عملا تجاريا يخضع للربح وللخسارة في طبيعته العامة والخاصة ، فهناك عوض ومعوّض في كل حركة يتحركها ، وفي كل كلمة يتكلمها ، فقد تشتري ببعض الأعمال نفسك ومصيرك وحياتك عند ما يكون للعمل نتائج إيجابية على قضية الحياة والمصير ، سواء في ذلك على المستوى