وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً* وَحَدائِقَ غُلْباً* وَفاكِهَةً وَأَبًّا* مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) [عبس : ٢٥ ـ ٣٢] ، فإنّ هذا كلّه لا ينسجم مع مدلول العلم كما هو واضح ، لكنّ الإمام عليهالسلام أراد أن يستوحي من هذه الكلمة « الطعام » معنى العلم ، باعتبار أنّ الكلمة ، في إيحاءاتها ، تجتذب الجانب المعنوي للطعام الذي هو نعمة إلهية تزيد أهميتها على النعم الإلهية المادية المغذية للجسد.
من هنا ، نرى ضرورة دراسة هذا الأسلوب الاستيحائي القرآني في التفسير ، لأنّه ، الأسلوب الذي يجعل الإنسان ينطلق من الآية إلى عوالم أخرى ، من خلال طبيعة الغايات التي تتحرّك إليها ، مما تلتقي به في أكثر من أفق ، في نطاق القواعد الإسلامية والعربية العامة.
وهذا هو الذي يجعلنا ننتقل من الصورة المادية إلى الصورة المعنوية ، ومن التجربة التاريخية للمجتمع الذي نزل القرآن فيه وعالج مشاكله وتحدياته وقضاياه ، إلى التجربة الجديدة التي نواجه فيها تحديات الواقع ومشاكله ، الأمر الذي يجعل للقرآن صفته « الحركية » إلى جانب الصفة التشريعية والتوجيهية والوعظية ونحو ذلك.
وفي ضوء ذلك ، قد نستطيع الوقوف مع الروايات الكثيرة الواردة عن الأئمة عليهمالسلام والمفسرة لبعض آيات القرآن بأهل البيت عليهالسلام لنجد أنّ البعض منها كان مختصاً بهم « كآية التطهير » و« المودة في القربى » ، بينما كانت الآيات الأخرى منطلقة في الخطّ العام الذي يمثّل أهل البيت عليهمالسلام النموذج الأكمل له ، كآية (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) و (لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) و (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) و (مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ، و (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) و (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا).
وإذا كانت بعض الآيات قد نزلت فيهم ، في مواردها الخاصة ، في أسباب النزول ، فإنّها انطلقت لتمتدّ في الخطّ العام للقضية المطروحة فيها ،