المستوى ، بل هي قضية الوحي الإلهي الذي لا يبلغ البشر مداه ، ولا يرتفعون إلى مستواه.
* * *
القرآن يتحدى الكفّار وآلهتهم
أمّا عناصر الإثارة التي اشتملت عليها آية التحدي مع ما بعدها ، فهي التوجه إليهم بدعوة
شهدائهم الذين يدعونهم من دون الله ليشهدوا لهم أو ليعاونوهم ـ وهو الأقرب ـ باعتبار القوة الهائلة التي يزعمونها لهم ، مما يجعل القضية لا تقف في مستوى قوتهم الذاتية فحسب ، بل تتعداهم إلى شهدائهم الذين يمكن أن يكون المقصود بهم الشركاء الذين يعبدونهم من دون الله ، ويرون فيهم القوة التي تقترب من الله. وبذلك ، كان التحدي يواجه كل القوى الذاتية وغير الذاتية ، مما يملكونه لدى شركائهم الذين يدعون من دون الله. وهذا من أبلغ حالات التحدي التي تعمل على كشف تفاهة ما لدى الشركاء ، إلى جانب تعرية حالة الشك المزعومة لديهم بتجريدها من كل مبرراتها. ثم نواجه ـ في الآية ـ التأكيد الحاسم بأنهم لن يستطيعوا مواجهة التحدي بمثله في المستقبل ، كما في الحاضر ، لأن القضية لا ترتكز على حالة آنية ، أو مستوى محدود قابل للتطور في المستقبل ، بل ترتكز على الطبيعة البشرية ، التي لا تستطيع من خلال إمكاناتها الذاتية مواجهة ذلك.
ثم يمعن في الإثارة التي تقودهم إلى التجربة لئلّا يقول قائل : إن القوم لم يجدوا ما يدعوهم إلى الإلحاح في المواجهة ، فلا نستطيع أن نعتبر عدم التجربة دليلا على العجز ، فيواجههم بضرورة الإيمان المتمثل بمراقبة الله من ناحية عملية في ما يعتقدونه وفي ما يعملونه ، ليجنبوا أنفسهم (النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) المعدّة للكافرين ، فإن في هذا الوصف إيحاء بعظمة النار