وشدة لهبها وحرارتها ، التي تحوّل الحجارة إلى جمر يتوقّد ويشتعل ، وتحقيرا للكافرين بمقارنتهم بالحجارة في النار ، مما يؤجج في نفوسهم حس الكرامة ، فيدعوهم إلى رد التحدي ، ومحاولة المجابهة التي يرجعون منها خاسرين.
* * *
الإعجاز البياني ، سرّ التحدي القرآني
وقد يتساءل الكثيرون عن سر التحدي القرآني المتمثل في الإعجاز؟
ونجيب : إنه الإعجاز البياني الذي تصل فيه الناحية التعبيرية في الكلمة إلى أعلى مستوى من الفنّ والروعة والأداء ، بحيث تلحظ كل الجوانب المحيطة بالكلمة ، وبالموقف ، وبالإنسان ، في الامتداد الرحب للحياة ، من دون أن يتغلب جانب على آخر ، بل هو التناسب والتوازن في الحركة والحرف والأسلوب ، والروح المتدفق بالحياة ، المناسب بالسحر والروعة والقوة والجلال.
وذلك هو سر القرآن الخالد في كلماته وآياته ، التي تضج بالحركة ، فتحس ، وأنت تقرأه ، بالتجدد يملأ روحك وقلبك وضميرك ، ويحرك حياتك لتسمو ، وترقّ ، وتصفو ، وتتعمق ، وتنساب ، في عمق الفكرة ، وإشراق الإيحاء ، وسماحة الأسلوب.
وذلك هو سر الكلمة التي لا تموت ، لأنها انطلقت من الحياة الكبيرة الممتدة ، لتمنح الأرض والإنسان سرّ الحياة التي تتجدد ، ولتشير إلى الدرب الذي يتخذ من الموت جسرا تسير عليه الحياة إلى العالم السر مدي الذي يخجل الموت أن يمر على وهمه في خفة الضلال ، لأن الموت يختبئ حيث تعيش الأشباح السوداء في عتمة الحياة ، أو حيث يتجمد الصقيع في وحشة الضباب