تنطلق في رحاب الحياة ، لتوحي للإنسان ، وقد ارتفع إلى المستوى العظيم حيث تغمره الألطاف الإلهية ، بروعة القرب إليها ، روعة نجواها الخالدة خلود الحياة في الأبد ، بالأسرار الخالدة.
* * *
ضرورة انسجام التحدي وإبداعات المجتمع
هذا ما نفهمه من طبيعة التحدي القرآني الذي أطلقه القرآن بآياته .. إنه التحدي بالكلمة التي كانت سر القيمة لدى المجتمع الذي ولدت فيه الرسالة وعاشت .. ولكي يكون التحدي تحديا ، لا بد من أن يوجّه إلى المجتمع الذي تتحرك فيه الرسالة عند ما يضع أمامها العقبات أو التحديات ، ليمنعها من الاستمرار والتقدم في الوصول إلى أهدافها الكبرى. ولا بد للتحدي ـ إلى جانب ذلك ـ من أن يكون في الإطار الذي تتجمع فيه الطاقات المبدعة للمجتمع ، لتتضاءل تلك الطاقات أمام الرسالة ، فتسير معها في فعل إيمان ، أو لتنسحب من ساحة الصراع وهي تجرّ أذيال الهزيمة ، لتكون الانطلاقة من موقع القوة في إطار الفكرة ، كما هي القوة في موقع الحياة.
وعلى ضوء ذلك ، نفهم كيف كانت معجزة موسى عليهالسلام التي تحدّت إبداع السحرة بإعجاز السحر ، وكيف كانت معجزة عيسى عليهالسلام التي تحدّت عظمة الطب ، بإعجاز تتضاءل أمامه كل قوانين الطب وقواعده. ومرت المسيرة ، وتراجع الفكر عن التحدي ، ليفسح في المجال للغوغاء التي لا يمكن للحياة أن تحتضن أصواتها باستمرار إلا ريثما يستسلم الإنسان ـ ولبعض لحظات ـ ليقظة الفكر ، وصفاء الوجدان ، وإشراقة الروح ، حيث تتبخّر كل السحب ، وتخفت كل الأصوات.