ضوء ذلك ، فإن علاقة الله بالضلالة والهدى ، لا تعطل الإرادة الإنسانية في الاختيار المسؤول ، كما أن حركة الإنسان في المسألة لا تبعد الله عن حياة عباده في أقوالهم وأفعالهم على أساس القاعدة العقيدية الواردة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين »
* * *
. قيمة الوفاء بالعهود في الإسلام
(الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). هذه هي بعض ملامح الفاسقين التي أراد الله ـ من خلال الآية ـ أن يجسدها في وعي الناس ، ليعرفوا كيف ينطلق الفسق في حياة بعضهم ، ليهدّم الركائز الأساسية التي يستند إليها كيان المجتمع. أمّا أبرز هذه الركائز فأمور ثلاثة :
١ ـ الوفاء بالعهود والمواثيق ، لأن ذلك هو الذي يؤكّد الثقة بين أفراد المجتمع ويحفظ لهم تماسكهم الاجتماعي.
وعهد الله هو الأساس لكل هذه العهود ، لأنها ، في طبيعتها ، منطلقة من إيحاءاته ، وفي قيمتها ، منفتحة على الالتزام به. ولذلك ، فإن نقض أيّ عهد يريد الله للناس أن يفوا به هو نقض لعهد الله ، وذلك في الالتزامات الشرعية التي ألزم الله بها عباده في نطاق العلاقات الإنسانية ، من خلال ما فرضه من الحقوق المتبادلة بينهم ، أو في الالتزامات الذاتية التي يلتزمها الناس على أنفسهم في معاملاتهم ومواثيقهم ، في قضاياهم العامة والخاصة ، لأن الله أراد لهم الوفاء بالعقود ، فلا بد للناس من أن يقفوا عندها في كل خصوصياتها والتزاماتها ، لأن الله أراد للإنسان في الحياة أن يحرّك وجوده في علاقاته به وبالإنسان الآخر وبالكون من حوله ، من خلال الالتزام الوجودي الذي ينطق