الإنسان في الحياة ، بعيدا عن التفاصيل ، لأن القضية هي قضية الفارق بين نتائج الإيمان ونتائج الكفر في معطياتهما العامّة التي ترسم الصورة من بعيد.
* * *
نقض العهد والفساد في الأرض خسران للنفس
(الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) الذي يتمثل في إبداع وجودهم بالطريقة التي يتحمل فيها الإنسان مسئولية الخلافة في الأرض ، ممّا تحتاجه الحياة في نموّها وحركتها وتطوّرها ، بحسب حجمه ، الأمر الذي يجعل إفاضة الخلق عليه بهذه الطريقة عهدا تكوينيا أخذه الله عليه ، مع وعي الإنسان للحقائق التوحيدية من خلال العناصر الذاتية ، وانفتاحه على ما أوحى به الله إليه على لسان رسله من أوامره ونواهيه. (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) في نسيانهم لله ، وابتعادهم عن خطه المستقيم الذي يؤدي إلى السير في دروب الفساد ، بما يثيرونه في أقوالهم وأفعالهم وعلاقاتهم ومواقفهم من عوامل الفساد في الأرض ، على مستوى الواقع الاقتصادي الذي يفسدون به حركة المال في الإنسان ، والواقع الاجتماعي الذي يتحرك فسادهم فيه ، ليؤدي إلى تمزيق المجتمع ، وتحلّله الأخلاقي ، وانهياره ، والواقع السياسي الذي يسقط تحت تأثير الظلم والعدوان الذي يعيش فيه الناس من خلال هؤلاء الأمن في حياتهم الخاصة والعامة ، فتدبّ الفوضى عندهم ، ويسود الاضطراب وجودهم ، وهكذا ينطلق هؤلاء ليتحولوا إلى جهة مفسدة للحياة كلها ، وللإنسان كله. (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) الذين خسروا أنفسهم في الدنيا ، عند ما أبعدوها عن خط الاستقامة ، فعاشوا التخبط في خطواتهم العملية في السير على غير هدى ، وواجهوا المتاعب المتنوعة في ذلك ، وخسروا مصيرهم في الآخرة ، في عصيانهم لله وتمردهم عليه ، مما يستوجب دخولهم في النار وبئس القرار.