يكلفنا علمه ، ولم يشرح لنا غوامضه ، ولم يهيئ لنا السبيل لمعرفته ، وهذا هو الطريق الأمثل الذي ينبغي أن تسير عليه المعرفة الإسلامية في ما تأخذ وتدع ، فليس من الضروري أن نتكلف معرفة ما لا حاجة لنا لمعرفته ، ولا سبيل لنا إليه مما أجمله القرآن الكريم في آياته ، ولم تحاول السنّة النبوية الشريفة أن توضحه ، لأن الحاجة لا تقضي إلا بالإشارة إليه في مجال الحديث عن قدرة الله وسعة مخلوقاته ، ولعل هذا ما يبعدنا عن الوقوع في أحاديث الإسرائيليات التي استغلت مجملات القرآن التي أجملها الله عن حكمة ، فحاولت أن تشبع نهم الفضول الذاتي لدى المسلمين ، أو الذي حاولت إثارته لديهم حتى تغرقهم في الأجواء القصصية التي تبعدهم عن الأشياء الأساسية في العقيدة والتشريع نظرا إلى الطبيعة البشرية الطفولية التي تنجذب إلى أجواء القصة وتفاصيلها أكثر من أجواء الفكر والتشريع ، ثم تفرض ـ من خلال ذلك ـ مفاهيمها المنحرفة عن التصور الإسلامي للتاريخ والكون والحياة.
* * *