تزويد الله الإنسان بكل مستلزمات الخلافة
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) فقد أعطاه الله عليم الأشياء التي تتصل بمسؤولياته من مفردات الموجودات الأرضية ، وطريقة إدارتها ، واستعمالها في ما يمكن أن يجدّد عناصر الحياة فيها ، ويعمّرها ، ويصنع منها الصناعات التي تسهّل أمور العيش للإنسان ، وتدفع به إلى تطوير طاقاته إلى المستوى الأفضل ، وغير ذلك ، مما يجعل وعيه الإنساني شاملا لكل الأشياء والأوضاع والأعمال والنتائج المتصلة بقضايا وجوده ، ليكون أهلا للقيام بهمّة الخلافة الأرضية التي يتحرك فيها بحرية العقل والإرادة والحركة المتنوعة في شؤون الجماد والنبات والحيوان ، بالإضافة إلى شؤونه الإنسانية الخاصة ، مما أوكل الله إليه أمره ، ليكون أداؤه لوظيفته الفكرية والعملية أداء متقنا منفتحا على الخير كله في مسئولياته العامة والخاصة.
* * *
تسبيح الله بالوعي والمعرفة والعمل والإبداع
وبعد أن كشف الله تعالى للملائكة أن ثمة حدودا لعلمهم ، وبأن ما لديهم من علم ، وبشهادتهم اللاحقة أيضا ، هو مما علمهم الله تعالى ، سأل آدم عليهالسلام إعلامهم بما لم يحيطوا به علما ، لتوكيد عجزهم ، وإظهار تفوق آدم عليهم في ما أثاروه من إشكال ، لجهة حصوله ، لما يلزم وجوده في الحياة الدنيا ، ويرفع به نواقصه. ثم عطف كلامه مذكرا إياهم بما سبق أن أعلمهم به لجهة إحاطة علمه تعالى بكل شيء ، فلا يفوته منه شيء ، ظاهرا كان أو باطنا ، غائبا