صلاحيته للخلافة ـ أن للعلم دورا كبيرا في هذا المجال ، وأن الطاقات التي أودعها الله في الإنسان دون أي مخلوق آخر هي الأساس في هذا الدور ، فمن خلالها يستطيع أن ينتج علما ، وأن يتحول إلى شيء نام متحرك في كل اتجاه يبلغه الفكر ، أو تقود إليه التجربة ، كمظهر من مظاهر الخلق والإبداع.
وبهذا انطلقت مسئولية الإنسان للقيام بدوره بالانسجام بين طبيعة الحياة وبين إرادة الله وتسخير القوى التي بين يديه في سبيل الخير لا في سبيل الشر ، وهذا ما يرفعه إلى المستوى الكبير لدى الله ، فيكون أفضل من الملائكة الذين يمارسون الخير بشكل تكويني ، فلا فضل لهم في ذلك ، أمّا إذا ابتعد عن ممارسة دوره من موقع المسؤولية ، فإنه يتنزل إلى أسفل من درجة الحيوان الذي يعيش الشهوة ونتائجها بشكل غريزي ، فلا إثم عليه في ذلك.
إن سرّ الإنسان هو علمه وعقله وإرادته ، فهو الذي يميزه عن سائر الموجودات من ناحية ذاتية ، وهو الذي يؤهله لأن يتسلم زمام الأمور في الحياة الدنيا من خلال تسخير القوى الطبيعية له. أمّا من الناحية العملية ، فإن عمله هو الذي يحدد قيمته وموقعه على أساس ما أنزله الله في قرآنه : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣].
* * *
من هو الخليفة ؛ آدم أم النوع الإنساني كله؟
الظاهر من الآية الكريمة أنه النوع الإنساني ، لأن آدم الشخص محدود بفترة زمنية معينة ينتهي عمره بانتهائها ، فكيف يمكنه القيام بهذا الدور الكبير الذي يشمل الأرض كلها ويتسع لكل هذه المرحلة الممتدة من الحياة. هذا أولا ، وثانيا : إن الملائكة قد وصفوا هذا الخليفة بأنه يفسد في الأرض ويسفك الدماء ، وهذا الوصف لا ينطبق على آدم بل ينطبق على بعض الجماعات التي