خلقك ، بل كان وسيلة من وسائل اكتشاف حقائق الأمور في ما تخلقه وتبدعه وتدبره.
(عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ) الذي تملك العلم كله ، فلا حدود لعلمك لأنك أنت الخالق لما تعلمه فكيف لا تحيط به. (الْحَكِيمُ) الذي يتحرك في تدبيره بالحكمة العميقة الشاملة التي تنطلق من الإحاطة بحقائق الأشياء في ما يصلح أمرها أو يفسده ، وعلينا وعلى العباد كلهم أن يسلموا لك كل أمورهم في ثقة مطلقة بأنك وحدك العالم بكل شيء ، الحكيم في كل تدبير.
* * *
عبر ودروس للعاملين
قد يشعر الإنسان مع هذه الآيات البينات بالحاجة إلى أن يعيش الإحساس بمنزلته ومستواه من خلال هذا الحوار الذي يجسد التكريم الإلهي له من خلال المسؤولية الملقاة على عاتقة. ولا بد ـ في هذا الإحساس ـ من التركيز على أن الخصائص الإنسانية الممنوحة له من الله ليست شرفا يزهو به ، بل هي مسئولية يحملها من أجل تفجيرها وتنميتها وتركيزها على الأسس التي يمكن له من خلالها أن يحقق الأهداف التي من أجلها كان وجوده.
ولعنا نستوحي من ذلك اعتبار هذه الطاقات التي أودعها الله فيه أمانة لديه ، فليس له أن يعطلها ويجمدها ، أو يوجهها إلى التفاهات التي لا تحقق للحياة شيئا جديدا ، ولا تقدمها خطوة إلى الأمام ، بل يجب عليه أن يحركها ليحرك الحياة من حوله ، وبذلك يخرج الإنسان عن الإطار الذي يحبس فيه نفسه عبر مشاعر الفردية والأنانية التي تجعله لا يفكر إلا بنفسه ، لأنه لا يشعر بوجود الآخرين ، أو بمسؤوليته الإنسانية عن رعاية هذا الوجود وحمايته من