ذلك قوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) [الرعد : ١٥].
(إِبْلِيسَ) : اسم أعجمي معرّب ، واستدلوا على ذلك بامتناع صرفه ، وذهب آخرون إلى أنه عربي مشتق من الإبلاس الذي هو الحزن المعترض من شدة اليأس ، قال تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) [الروم : ١٢]. والمقصود ب « إبليس » المخلوق الغيبي الذي يمثل رمز الشرّ ، وهو من الجن ، التحق بالملائكة حتى أصبح معدودا منهم لشدة عبادته ـ كما يقال ـ وقد جاء الحديث عنه بذلك في قوله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف : ٥٠]. وتحدث القرآن ، تحت عنوان الشيطان ، عن سلطته في إضلال البشر بالوسوسة والتزيين والإيحاء ونحو ذلك ، من دون أن يكون له القدرة المطلقة على التدخل في قدرتهم الذاتية وشلّ إرادتهم المتحركة في اتجاه الخير.
(أَبى) : الإباء شدة الامتناع ، فكل إباء امتناع ، وليس كل امتناع إباء ، ومنه : رجل أبيّ : ممتنع عن تحمّل الضيم.
(وَاسْتَكْبَرَ) : الاستكبار : إظهار الإنسان من نفسه ما ليس له من خلال تكبره وإعجابه بنفسه ، والكبر ، حالة الإعجاب ورؤية نفسه أكبر من غيره في صورة انتفاخ الشخصية ، والتكبر على الله إنما هو بالامتناع من قبول الحق ومن الإذعان له بعبادته.
* * *
إبليس يأبى ويستكبر
هذا هو الموقف الثاني الذي أراد الله فيه أن يكرّم هذا المخلوق الجديد ، ليظهر قيمته وفضله ، فأمر الملائكة بالسجود له إعظاما وتحية وتكرمة ، وكان إبليس يعيش في أجواء الملائكة حتى كاد أن يحسب منهم ، كما يوحي به