الاستثناء الذي هو من قسم الاستثناء المنقطع الذي يعتبر فيه المستثنى من لواحق المستثنى منه وإن كان خارجا عنه.
وانسجم الملائكة مع هذا الأمر الإلهي لأنهم عباده المكرمون الذين (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) أمّا إبليس ، فإن الأمر يختلف لديه ، لأنه لا يعيش هذا الجو الروحي إزاء أوامر الله ونواهيه ، بل القضية عنده هي ما إذا كانت الطاعة لله منسجمة مع ذاتيته ونظرته إلى نفسه ، أو غير منسجمة. وكان السجود لآدم لا يرضي غروره الذاتي وشعوره بالاستعلاء أمام هذا المخلوق الجديد ، على أساس عنصري ، كما توحي به الآيات القرآنية الأخرى التي تحدثت عن القصة بإسهاب ، فما كان منه إلا أن تمرد وأبى واستكبر وامتنع عن الطاعة.
* * *
كفر إبليس
(وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) الذين لم يكفروا بالله مباشرة ، ولكنهم يعيشون روحية الكفر وممارسته في التمرد على الله ، مما يجعل حياتهم تجسيدا للكفر بكل مظاهره ونتائجه. ونجد في القرآن الكثير من الآيات التي تتحدث عن الكفر العملي بالقوة نفسها التي تتحدث فيها عن الكفر العقيدي ، باعتبار أنهما يلتقيان في النتيجة الطبيعية ، وهي التمرد على الله والبعد عن الخط المستقيم الذي أراد الله للحياة أن تسير فيه. ونحن نفهم من الآيات التي تربط العمل الصالح بالإيمان أن خطورة الكفر لا تقتصر على ما تمثله من إنكار لله ولرسله واليوم الآخر ، بل تكمن في الانطلاق بعيدا عن عبادة الله وإرادته في بناء الحياة على أساس شريعته. وهذا ما نستقربه في اعتبار إبليس كافرا. وقد سار بعض المفسرين في اتجاهات أخرى لا تثبت أمام النقد العلمي ؛ فقد جاء في مجمع