أشجار الجنة ، فكأنه قال : كلا منها رغدا إلا من هذه الشجرة. وفي التعبير عن الأكل بالقرب منها مبالغة في التحذير. واختلف المفسرون في نوع هذه الشجرة ، بين المعنى المادي للكلمة وهو السنبلة والكرمة والكافور ونحو ذلك ، وبين المدلول المعنوي لها وهو : أن المراد بها شجرة العلم ؛ علم الخير والشر على سبيل الاستعارة ، ولكن لا دليل على شيء من ذلك بشكل موثق.
(فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) لأنفسكما بذلك ، لأنكما أبعدتماها عن موقع السعادة وساحة الخلود.
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) أي : أبعدهما عنها ، من الزلل بمعنى الخطيئة التي تبعد الإنسان عن الثبات في موقعه ، وذلك من خلال وسوسته وإغوائه وخداعه ، وهذا ما قد نستوحيه من قوله تعالى : (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) من الجنة الخالدة والعيش الرغيد والراحة والهدوء والطمأنينة والفرح الروحي المنفتح على لذّات الجنة وجمالاتها.
* * *
آدم وإبليس في الأرض
(وَقُلْنَا اهْبِطُوا) إلى الأرض أنتما وإبليس لعصيانكم الله وفشلكم في الاستقامة على خط أوامره ونواهيه ، (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) بفعل الحرب المفتوحة بينكما وذريتكما وبينه وجنوده ، لأنه يستهدف إبعادكم عن رحمة الله وعن جنته ، بينما تعملون على التمرد عليه والخروج من سلطته والسعي إلى دخول الجنة والبعد عن النار. (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) أي مقام ثابت لأن الله جعلها قرارا ، (وَمَتاعٌ) تستمتعون فيه في حاجاتكم الوجودية العامة والخاصة ، (إِلى حِينٍ) إلى الأجل الذي جعله الله لكم في مدة العمر التي حددها لكم