والتذكير لهما بأن سقوطهما في التجربة الصعبة لم يحصل من حالة غفلة لا تعرف الطريق إلى الوعي ، بل كان حاصلا بعد التحذير الإلهي من الأكل من الشجرة ، ومن الشيطان ، باعتباره عدوّا لهما ، وذلك قوله تعالى : (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) [الأعراف : ٢٢]. ويؤكد هذا التفسير للكلمات الحديث المرويّ في قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) قال : لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي وأنت خير الغافرين ، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني وأنت خير الراحمين ، لا إله إلّا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي وتب عليّ إنك أنت التوّاب الرحيم (١).
وهذا ما ينسجم مع الآية في أصل الفكرة ولكنه يختلف عنها في التفاصيل.
* * *
وقفة مع صاحب الميزان
ويعلّق صاحب تفسير الميزان على هذا القول ، فيردّه بأن التوبة كما تدل عليه الآيات في هذه السورة ـ أعني سورة البقرة ـ وقعت بعد الهبوط إلى الأرض ، قال تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) إلى أن قال : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) الآيات ، وهذه الكلمات تكلم بها آدم وزوجته قبل
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ١٤٨.