والاستعلاء ، عاقبه الله وأخرجه من رحمته.
أما في هذا الفصل ، فإن القرآن يدخل في تصوير تجربة الإنسان للمسؤولية ، وكيف تتدخل نوازع الإغراء الكامنة في طبيعته في سقوطه أمام التجربة أحيانا ، وكيف استطاع إبليس أن يستغل ذلك في إزاحته عن الخط المستقيم من خلال إغراءاته وتسويلاته. وإننا في هذا السياق التفسيري لسورة البقرة ، نريد أن نستوحي الآية من طبيعة القصة ، ثم ندخل ـ بعد ذلك ـ في التفاصيل الفكرية للقضايا التي أثارتها هذه الآيات ، وذلك في عدة نقاط.
* * *
تجربة الإنسان الأولى
إن الله أباح لآدم وحواء أن يسكنا الجنة ، ويستمتعا بكل ما فيها من لذائذ من دون حرج ولا تحديد ، فلهما أن يأكلا من كل أشجار الجنة حيث يشاءان ، ولكنه منعهما عن شجرة واحدة كشرط لبقائهما في الجنة ، في ما يوحيه جو الآيات : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ).
ولا نريد أن ندخل في تفاصيل تحديد هذه الشجرة ؛ هل هي شجرة تفاح ، أم هي سنبلة ، أم هي شجرة معنوية ، كما يحلو للبعض أن يقول إنها شجرة معرفة الخير والشر ، لأن ذلك لا يمس طبيعة الموضوع ، ولا يفيدنا في شيء.
كانت أول تجربة لهما في الوجود ، وانسجما مع التجربة ببساطة وعفوية. وكان الشيطان لهما بالمرصاد ؛ فقد عرف أن الفكر الذي يملكه الإنسان لا يقوى على مواجهة التحديات إلا من خلال التجارب المريرة التي