العصيان ، فتقول : عصيت أمر الطبيب ، أما كلمة الغواية ، فإنها ضد الرشد كما ذكر ، ولكن الرشد قد يكون في جانب المصلحة الدنيوية أو الذاتية ، وقد يكون في إطار المصلحة الأخروية. وكذلك كلمة التوبة ، فإنها تعبر عن الرجوع عن الخطأ ، سواء كان في ما يتعلق بالأمور الدنيوية أم الأخروية ، فيقال : تاب فلان عن العمل المضرّ ، من دون أن يكون محرّما في نفسه.
أما الظلم ، فقد يظلم الإنسان نفسه إذا منعها من الفرص الطيبة التي تجلب لها الراحة الذاتية ، وقد يطلق الظلم على تعريضها للعقاب الأخروي.
أما طلب المغفرة والرحمة ، فإنه قد ينطلق من الشعور بالإساءة إلى مقام الله في ترك اتباع نصائحه ، وبمنافاة ذلك لحقّ العبودية للخالق. هذه هي بعض الأفكار التي أثارها الاتجاه الأول في موضوع عصمة آدم.
* * *
المعصية بين دار التكليف ودار النعيم
ويثير الاتجاه الثاني الموضوع بطريقة أخرى ، وهي أن الجنة ليست دار التكليف والمسؤولية ، بل هي دار النعيم. وقد يجاب بأن ذلك هو وصف الجنة بعد الدنيا ، فلا نعلم أن ذلك هو شأنها قبل النزول إلى الأرض.
أما الاتجاه الثالث ، فيرى أن لا مانع من حصول المعصية من الأنبياء قبل النبوّة ، ولا سيّما في المعاصي الصغيرة التي لا تسيء إلى مكانتهم ، ولا تعتبر لطخة عار في تاريخهم ، مما لا ينسجم مع جوّ النبوّة.
* * *