خطيئة آدم أمام عقيدة الفداء
ما هي علاقتنا بخطيئة آدم؟ هل يحمل الإنسان عبء خطيئته ، فتتحول إلى هاجس يعيشه في دمه وفي حياته؟ ذلك هو ما يظهر من المسيحية المعروفة الآن التي اعتبرت الخطيئة منذ آدم لازمة لأولاده. ولما كانت الخطيئة تستوجب العقاب ، كان لا بد من مخلّص طاهر من الذنب ، يخلّص البشرية منه ، فيتحمل الآلام والعذاب من أجلها ، « وهكذا أظهر الله رحمته بتجسد الكلمة الأزلية ، فلبس هذا الجسد ، وكان يلزم أن يكون هذا الفادي طاهرا قدوسا منزها عن النقص حتى يفي للعدل الإلهي حقه ويخلّص الخاطئين ، فالمسيح يسوع قام بهذا الأمر وقدم نفسه فداء عنا ، فالعدل الإلهي كان يستوجب عقابنا وموتنا ، فمات الفادي عوضا عنا ووفى للعدل الإلهي حقه ».
إننا ـ كمسلمين ـ لا نقر هذه الفكرة ، أولا : لأننا لا نرى أي ارتباط بين خطيئة آدم وخطايانا من ناحية ذاتية ، بل القضية كلها هي أن التكوين الإنساني بطبيعته يفسح في المجال لنوازع الخطيئة لأن تبرز وتعبر عن نفسها بالعصيان. فلآدم أسبابه الطبيعية المستمدة من تجربته في ما عمل ، ولنا أسبابنا الطبيعية في ما عملنا وفي ما نعمل ، فلا ربط لنا بخطيئته من قريب أو بعيد.
ثانيا : إن التفكير الإسلامي يعتبر الخطيئة حالة طارئة في حياة الإنسان ، ويرى أن من الممكن أن تزول بالجهاد النفسي وبالمعاناة والتكفير عنها ، كما يمكن أن تزول آثارها ونتائجها الأخروية من العقاب والغضب الإلهي بالندم والتوبة والإنابة إلى الله. وهذا ما عبّر عنه القرآن في قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر : ٥٣]. وبذلك يتحول الإنسان إلى صفحة بيضاء ناصعة لا ظلمة فيها ولا سواد ، فأيّة حاجة بعد ذلك إلى المخلّص ، فضلا عن أن