وقفة أمام مفردات التفسير
هذه هي بعض القضايا العامة التي تواجهنا في قضية آدم وخروجه من الجنة ، وتبقى أمامنا بعض اللمحات المتعلقة بمفردات التفسير.
(الْجَنَّةَ) هل هي الجنة التي وعد الله بها المتقين ، أم هي جنة أخرى من جنان الأرض مشابهة للجنة الموعودة؟ لا نريد أن نخوض في الجدل الذي وقع فيه المفسرون ، لأن ذلك لا يتصل بالفكرة الأساسية للتفسير ، وإن كان الأقرب لجو الآيات التي تحدث فيها القرآن عن الجنة أن تكون هي نفسها الجنة الموعودة. وقد يسبق إلى الذهن أنها غيرها ، لأن جنة الله تمثل الطهر كله ، في التفكير ، وفي الممارسة ، وفي الجو العام ، فلا مجال فيها للانحراف ، ولا مجال فيها للخطيئة. ولكننا نحسب أن ذلك لا يمنع أن تكون جنة آدم هي الجنة ، لأن قضية آدم تمثّل تجربة تدريبية في ضمن الجو الذي أريد له أن يعيش فيه مع أولاده من خلال العمل الصالح ، فلا يتنافى ذلك مع الأجواء العامة الطبيعية التي أرادها الله للجنة كدار للثواب وللنعيم الخالد.
(اهْبِطُوا) : هل هو الهبوط المكاني المادي من السماء إلى الأرض ، أم هو الهبوط المعنوي في المنزلة والمكانة والنعيم؟ الظاهر من الكلمة هو الجو المادي ، إلا أن يثبت غيره ، ولم يثبت لنا ذلك.
(بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) : إن هذه التجربة ركزت العداوة وعمّقتها وأوضحت خطوطها الكاملة ، فلم يعد هناك أي مجال للالتباس ، فعلى الإنسان أن يعي دوره الجديد في الأرض ويتعرف إلى أساليب هذا العدو الجديد الذي أخرجه من الجنة ، وأهبطه إلى الأرض ، ويريد ـ من جديد ـ أن يبعده عن الجنة