هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
وهنا حدد الله القضية وخط السير للإنسان ، المتجسّد بالهدى والعمل الذي ينزله على عباده ، فهو الذي يحدد له دوره ، وهو الذي يقرر له مصيره. إنه الهدى الذي تتضح فيه الرؤية للبداية والنهاية في خط السير ؛ الهدى في الفكر ، وفي العمل ، وفي الوسيلة ، وفي الغاية ، وفي جميع مجالات الحياة ، فلا لبس ولا غموض في ذلك كله. إنه النور الذي يغدقه الله على روح الإنسان وفكره من خلال ألطافه ومن خلال آياته ، لتكون إرادته حرة في الحركة من خلال وضوح الرؤية ، فلا تتجمد أمام عوامل الشك والغموض ، وليكون المصير الإنساني في الآخرة خاضعا لإرادة الإنسان واختياره بعد قيام الحجة عليه من عند الله ، وليشعر الإنسان أولا وأخيرا بأن الحياة الدنيا تعني مواجهة المسؤولية من خلال الرسالات ، وأن الدار الآخرة تعني مواجهة نتائج المسؤولية من خلال العمل.
هذه هي بعض ملامح القضية في ما تتسع له سورة البقرة ، وسنعود إلى هذه القصة في السور الأخرى التي تتحدث عنها إن شاء الله.
* * *
خلاصات عملية من هذه الآيات
أما حصيلتنا من هذه الآيات ـ في الخط العملي لحياتنا ـ فهي أن نستفيد من تركيز الله على عداوة إبليس لآدم ، لإثارة عمق الإحساس بالعداوة في حياتنا إزاء إبليس وجنوده ، مما يجعلنا نعيش الحذر في الفكرة ، وفي الكلمة ، وفي الخطوات العملية ، وذلك ، بأن ننفذ إلى أعماق ذلك كله في شهواتنا وخلفياتها الذاتية ، لأن الدوافع الشريرة قد تختبئ وراء ستار كثيف من