مدخل عام
لعل قيمة هذه السورة تكمن في أنها تقدم ، في آياتها ، تصورا شاملا لعلاقة الله بالإنسان وعلاقة الإنسان به من خلال صفاته ذات الصلة الوثيقة بهذه العلاقة المتبادلة ، ليكون ذلك بمثابة الثقافة السريعة ، والوعي المتحرك في الوجدان الإنساني ، كلما أراد تمثّل تصوّره العقيدي لله ، لتتوازن تصوراته ، ولتستقيم خطواته في هذا الاتجاه ؛ فهناك الإطلالة بالفكر على كل آفاق الحمد في صفات الله وأفعاله ، مما يتحسسه الإنسان في سرّ وجوده وحركته وعناصر شخصيته وامتداد حياته ، مما يتمثل فيه عظمة الخلق ، وروعة النعمة ، فيكون الحمد بكل إيحاءاته الفكرية والشعورية هو التعبير الصارخ لكل ما يحمله الإنسان من انفتاح على مواقع الحمد لله.
وهناك الربوبية الشاملة للعالمين التي يتطلع فيها الإنسان إلى الله في آفاق ألوهيته التي لا حدود لها ، ليجده في مواقع الكون كله ، في عوالمه التي لا حصر لها ، فيتحسس موقعه كإنسان من بين هذه العوالم ، ليجد التربية الإلهية تتعهده بالرعاية الكاملة من موقع القدرة المطلقة المنفتحة على آفاق الألوهية ، وليشعر بالوحدة الوجودية في ضلال الربوبية مع كل العالمين ، فلا يحس بأيّ انفصال عن حركة الكون من حوله.