(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) [الأنعام : ١١٨].
وهكذا تتنوع الآيات التي تتحدث عن ذكر الله وعن الذاكرين لله ، في ما يمثله ذلك من قيمة روحية كبيرة تتصل بالمستوى الإيماني للإنسان المسلم ، وبالدرجة الرفعة التي يحصل عليها عند الله سبحانه وتعالى.
إننا نستطيع أن نخرج من هذا العرض السريع بنتيجة محددة ، وهي أن الله يريد لعباده أن يذكروه دائما في كل أمورهم ، وأن يربطوا به كل تحركاتهم وأوضاعهم ، ليظل وعيهم الإيماني في الحضور الإلهي في فكرهم وشعورهم منفتحا على الله ، وليبقى إحساسهم متحركا في نطاق ارتباط كل الأشياء به ، فلا يستسلم الإنسان للحالات التي توحي له باستقلاله الذاتي أو باستقلال الأسباب الواقعية المحيطة به في إدارة قضاياه أو قضايا الكون من حوله ، والتي قد تأتي من خلال الغفلة عن عمق الفقر التكويني الذي يتمثل في كل الموجودات في علاقاتها بالله.
وهذا ما انطلقت به التربية الإسلامية ، لتجعل بداية كل عمل يقوم به الإنسان مرتبطاً بالله سبحانه وتعالى ، ليتولد لديه الشعور بأن الطاقة التي يبذلها والأفكار التي يطلقها ليست شيئا ذاتيا ، بل هي شيء مستمد من الله ، بسبب ما أودعه في كيانه من أجهزة ، وما أحاطه به من إمكانات ، وهداه إليه من وسائل.
* * *
بين الارتباط بالله والثقة بالنفس
وليس معنى ذلك ـ كما قد يخيّل للبعض ـ أن يبتعد الإنسان عن الإحساس بالثقة بنفسه ، ليكون مجرد خشبة في مجرى التيار ، أو ورقة في