الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هاتان الكلمتان الدالّتان على وصف واحد هو الرحمة ، التي تمثل ، في مدلولها الإنساني ، حالة انفعال إيجابيّ ، تصيب القلب بفعل احتضانه لآلام الآخرين وآمالهم ومشاكلهم ، في رعاية محبّبة ، وعناية ودودة ، وحنان دافق ، وتنفذ إلى عمق حاجتهم ، إلى العاطفة المنفتحة على كل كيانهم الجائع إلى الحنان الظامئ وإلى الحب المتحرك نحو احتواء الموقف كله.
أمّا في الجانب الإلهي ، فهي لا تقترب من مشاعر الانفعال الممتنع على الله ، لأنه من حالات الجسد المادّي ، ولكنها تنطلق في النتائج العملية المنفتحة على وجود الإنسان الذي يمثل وجها من وجوه حركة الرحمة الإلهية لديه ، وعلى كل تفاصيل حياته في النعم التي يغدقها الله عليه ، وعلى كل مواقع خطاياه التي يغفرها الله له ، وعلى كل مجالات حركته العامة أو الخاصة في آلامه ومشاكله ليخفّفها عنه أو ليبعدها عن حياته ، وعلى كل تطلعاته في أحلامه ، ليحقّقها له ، وعلى كل مصيره في الدنيا والآخرة ليجعل السعادة له في دائرة رضوانه في ذلك كله.
* * *
الوجود مظهر الرحمة الإلهية
إن الوجود كله هو مظهر الرحمة الإلهية التي هي صفة من صفات الكمال لله في ما تعبّر عنه من الموقع الرحيم الذي يطل به الله على الوجود وعلى