الإنسان في كل مواقعه في داخل طبيعة الوجود وفي عمق حركته ، وهذا ما يريد الله في الإنسان أن يتصوره به ، ليشعر ـ دائماً ـ بقربه إليه من خلال حركة الرحمة التي وسعت كل شيء ، باعتبار أنها تلاحق الإنسان لتضمّد له جراحة ، ولتفتح قلبه على الأمل كله والخير كله ، ولتعده بمستقبل مشرق كبير. وهذا هو ما يوحي به الدعاء المأثور : « اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك فإن رحمتك أهل أن تبلغني وتسعني لأنها وسعت كل شيء ».
ولعل هذا هو الأسلوب التربوي الذي يعمل على تأكيد التصور الإنساني لله من موقع الرحمة ، بيبقى قريبا منه في مواقع حاجته إليه ، من حيث الأفق الواسع المليء بالعطف والطف والحنان والرضوان. ولعل هذا الأسلوب أيضا ، هو الذي أوجب التعبير عن الرحمة بكلمتين ، ليزداد تأكيد هذا المضمون في الوعي الشعوري للإنسان تجاه ربه.
وإذا كان التأكيد يمثل لونا من التكرار للفكرة ، فإنّ الحاجة إليه لا تقتصر على دفع احتمال الاشتباه ، كما يقرر النحويون ، بل قد تكون المسألة فيه هي الحاجة إلى تعميق المعنى الذي تتضمنه الكلمة بشكل عميق واسع ، مما لا يحصل الإنسان عليه بالكلمة الواحدة فلا ينافي ذلك بلاغة القرآن ، لأن التأكيد في مدلوله التصويري التعميقي لا يكرّر المعنى بشكل جامد ، بل يعمقه بشكل حيّ متحرك.
* * *
المفسرون والفرق بين الرحمن والرحيم
وقد أفاض المفسرون في توضيح الفرق بين الكلمتين ، فذهب بعض