في وجودها الواقعي الذي يفرض التوحيد كحقيقة متحركة متجسدة ، لا كفكرة ذهنية في مرحلة الدعوة.
وهناك نقطتان لا بد من الحديث عنهما بشكل تفصيلي :
الأولى : مفهوم العبادة.
والثانية : مقياس التوحيد والشرك فيها في الدائرة التطبيقية العملية.
* * *
مفهوم العبادة
قد تفسر العبادة بمعان ثلاثة ـ في اللغة ـ :
الأول : الطاعة. ومنه قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [يس : ٦٠] فإن عبادة الشيطان المنهي عنها في الآية المباركة هي إطاعته.
الثاني : الخضوع والتذلّل. ومنه قوله تعالى : (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) [المؤمنون : ٤٧] أي خاضعون متذلّلون.
الثالث : التألّه. ومنه قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) [الرعد : ٣٦].
وإلى المعنى الأخير يصرف هذا اللفظ في العرف العام إذا أطلق دون قرينة.
وقد نلاحظ أمام هذا الحديث عن التنوّع في المعاني ، أنها تنطلق من معنى واحد ، وهو الخضوع المطلق الذي يختزن في داخله معنى الاستسلام للمعبود والذوبان فيه والانسحاق أمامه ، حتى ليحتوي في حالته الشعورية