الدنيا والآخرة ، وفي ما هي قضايا النعمة والبلاء في الدنيا ، وقضايا الجنة والنار في الآخر ، على صعيد سلامة الذات في ما تحتاجه وفي ما تخاف منه ، مما جعل الحس الإنساني الواقعي يلتقي بالقيمة الروحية المنفتحة على الله من خلال حركة الحياة في الوجود الإنساني.
وهذا هو المنهج الإنساني في تهذيب دوافع الإنسان في العمل بدلاً من إلغائها ، ليتحرك الإنسان من خلال الواقع لا من خلال المثال.
* * *
ثمرات عملية
وربما كان من فوائد هذا الاتجاه في العبادة ، على صعيد الدوافع الذاتية المتصلة بقضايا الإنسان في تطلعاته إلى الله ، أنه يؤكد الشعور بحضور الله الدائم المتحرك في كل مفردات الحياة الإنسانية ، من خلال كل الحاجات المتفرقة في الحياة اليومية ، بشكل شموليّ ، والتي يحتاج فيها إلى رعاية الله وعنايته ، لارتباطه بالله بشكل مباشر أو غير مباشر ، فلا يغيب عنه الإحساس بالله من خلال أنه لا يغيب عن كل مواقع حياته التفصيلية في جزئياتها وكلياتها. كما أن ذلك يحرّك المضمون العقيدي في داخل إحساسه ، في ما يختزنه في داخل عقله من التدبير الإلهي لكل شيء من أمور الإنسان ، على أساس علاقة كل شيء به ، فتنمو العقيدة في دائرة نموّ الحاجات ، وتتأكد الطمأنينة النفسية في ذلك كله ، من خلال الثقة بالله ، الرحمن الرحيم ، في حالة الشدة والعسر. فقد ورد أنه : « من أراد أن يكون أغنى الناس ، فليكن واثقا بما عند الله جلّ وعزّ ، وروي : فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه » (١).
__________________
(١) البحار ، م : ٢٤ ، ج : ٦٨ ، ص : ٤٤٠ ، باب : ٨٦ ، رواية : ١٧.