الهمس أو في مثل وسوسة الصدور ، وذلك قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة : ١٨٦] وقوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦].
* * *
الشفاعة لا الوساطة
أمّا الشفاعة التي جاء الحديث عنها في الآيات القرآنية ، وفي الروايات المتعددة عن السنة والشيعة ، فإنها ليست حالة وساطة بالمعنى الذي يفهمه الناس في علاقاتهم بالعظماء لديهم ، الذين قد لا يستطيع الناس مخاطبتهم بشكل مباشر ، بسبب الحواجز المادية الفاصلة بينهم وبين الناس ، ولذلك يلجأ الناس إلى الأشخاص الذين تربطهم بهم علاقة مودّة أو مصلحة أو موقع معيّن ليكونوا الواسطة في إيصال مطالبهم إليهم ، وقضاء حوائجهم عندهم.
إن الشفاعة هي كرامة من الله لبعض عباده ، في ما يريد أن يظهره من فضلهم في الآخرة ، فيشفّعهم في من يريد المغفرة له ورفع درجته عنده ، لتكون المسألة ـ في الشكل ـ واسطة في النتائج التي يتمثل فيها العفو الإلهي والنعيم الربّاني ، تماما كما لو كان النبي هو السبب ، أو كان الوليّ هو الواسطة. ولكنها ـ في العمق ـ إرادة الله لذلك ، مما لا يملك نبي مرسل أو ملك مقّرب ، أو ولي امتحن الله قلبه للإيمان ، أمر تغييرها في غير الاتجاه الذي تتحرك فيه ، وبذلك فإنهم يدرسون مواقع رضى الله في عباده ليقوموا بالشفاعة ، أو ليأذن الله لهم بها.
وفي ضوء ذلك ، لا معنى للتقرب للأنبياء والأولياء ليحصل الناس على