من الحاجة إلى الرعاية الخاصة في الدلالة إلى مواقع هذا الطريق ، بالوسائل التي يرسل الله فيها ألطافه إلى عباده ، من خلال ما هي إيحاءات الفكر ، وهمسات المشاعر ، وإشارات الروح.
ولعلّنا لا نحتاج إلى المزيد من التأكيد على أن هذه الهداية التي يفيضها الله على عباده ليست حالة تضغط على العقل لتشلّ اختياره ، وعلى الإرادة لتجمّد حركتها ، بل هي لطف إلهيّ يهيّئ الجوّ للاختيار الصحيح من خلال الانفتاح على الله في مواقع رضاه من موقع قويّ منفتح.
* * *
طريق الأنبياء
ولكن كيف نتصور الصراط المستقيم ، الذي هو خط معنويّ يتحرك فيه الإنسان في نشاطه الإنساني على مستوى المواقف وحركة المواقع والعلاقات؟
إن النظرة إلى الآيات القرآنية توحي بأن المراد هو الخط الذي تتحرك فيه أوامر الله ونواهيه ، وتتمثل فيه مناهجه ، وتنطلق منه مواقع رضاه ، وفقا لما جاء به رسله ، ونزلت به رسالاته. وبذلك يمكن تلخيصه بطريق الأنبياء ، وهو الإسلام الذي يتمثل في إسلام القلب والوجه واللسان والكيان كله لله.
ضمن هذا الإطار ، تكون الاستقامة على الصراط منطلقة من معنى الطاعة التي تحكم البداية والنهاية في خط الله ، بعيدا عما يتحدث فيه المتحدثون الغارقون في تحليل مضمون الإسلام ، لجهة ما يتمثل فيه من التوازن التشريعي في نظرته إلى الإنسان والحياة ، فيما هي الدنيا والآخرة ، والمادة والروح ، والفرد والمجتمع ، وما إلى ذلك من الشؤون العامة أو الخاصة ، التي تنطلق في خط مصلحة الإنسان في علاقته بالله ، وبالكون ، وبمن