وهكذا نجد أن الصراط المستقيم ، الذي ندعو الله أن يهدينا لنسير نحوه ، هو دين الله الذي أنزله على رسوله في كتابه ، وفي ما أوحى به إليه من شريعته ومن منهجه الحق ، الذي أراد الله لنبيه الاستقامة عليه في خط الدعوة إليه من دون تغيير ولا تبديل ، كما جعل الجنة للناس الذين يعلنون التوحيد ثم يستقيمون في خطه على أساس توحيد الله في العبادة.
وقد جاء عن علي عليهالسلام في تفسيره هذه الآية : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) يعني : أدم لنا توفيقك الذي أطعناك به في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا (١).
وعن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : يعني أرشدنا إلى لزوم الطريق المؤدّي إلى محبتك ، والمبلغ إلى جنتك ، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب ، أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك (٢).
* * *
مستحقو النعم
(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ* غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) هذا هو التحديد الواقعي لهذا الصراط في المناذج التي تتحرك فيه وتلتزمه ، في ما يتمثل فيه من النعمة الإلهية التي يفيضها الله على عباده ، وأيّ نعمة أعظم من نعمة الهداية إلى الحق الذي يؤدي بهم إلى رضوان الله ، وإلى نعيمه في جنته الخالدة! وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في آية أخرى ،
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، ط : ١ ، ١٤١١ ه ، ١٩٩١ م ، ج : ١ ، ص : ٤١.
(٢) م. ن ، ج : ١ ، ص : ٤١.