عند الحديث عن الذين أنعم الله عليهم في المناذج الحيّة المتحركة في خط توحيد الله وطاعته ، وذلك قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩] وهذا يعني أن الصراط المستقيم هو صراط هؤلاء الذين أنعم الله عليهم ممن رفع الله درجتهم في خط الإسلام والإيمان بالله والسير في مواقع رضاه.
* * *
المغضوب عليهم والضّالون
وفي مقابل هؤلاء ، هناك فريق (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) الذين اختاروا الكفر على الإيمان ، والشرك على التوحيد ، والمعصية على الطاعة ، والانحراف على الاستقامة ، مع وضوح الحجّة على الإيمان في إشراقة العقل ، وعلى التوحيد في حركة الفكر ، وظهور الخير في حركة الطاعة في خط الاستقامة على درب الله ، فلم يبتعدوا عن الصراط المستقيم انطلاقا من شبهة ، بل ابتعدوا من موقع العناد والإصرار على التمرّد والتحدّي لله في مواقع ألوهيّته ، فاستحقوا غضب الله عليهم لأنهم لا يملكون أساسا عقليّا لموقفهم المعاند المتمرّد ، بل هناك الأساس المضادّ للإنسانية العقلانية التي تفرض الخضوع للحقّ الثابت بالحجّة الواضحة ، والالتزام بكل النتائج المترتبة عليه ، مما يجعل من الغضب المنفتح على العقاب الأخرويّ نتيجة طبيعيّة لذلك ، فيما هي العلاقة بين السبب والنتيجة.
وهناك فريق الضالّين الحائرين بين الكفر والإيمان ، لأنهم عاشوا الغفلة عن مسألة الفكر العقيدية في مجالات التوحيد ، والرسالة ، واليوم الآخر ، واستسلموا للأفكار الموروثة التي عاشوا قداستها من خلال قداسة العلاقة